أرشيف

الجفري : لا فائدة من الحوار مع علي عبد الله صالح والمطلوب تغيير النظام

قال السياسي اليمني رئيس حزب رابطة أبناء اليمن «رأي» عبد الرحمن الجفري على أن الحوار مع الرئيس علي عبد الله صالح لن يؤدي إلى نتيجة، قياسا بما أفرزته التجارب السابقة من نتائج سلبية.
وأفصح الجفري في حوار أجرته معه «عكاظ» عن مستجدات الساحة اليمنية، مشددا على أن المشكلة في اليمن ليست مع الرئيس فحسب وإنما في طبيعة وشكل النظام، مضيفا أن شباب الثورة الذين يسيطرون على الساحات، لا تمثلهم قوى المعارضة.
وأوضح، أن التأخير في حل الأزمة اليمنية يعود إلى تعنت الرئيس في الحل، مشيدا في الوقت ذاته بالمبادرة الخليجية، التي حاولت إنقاذ اليمن من أزمته الحالية.
ويعد حزب «رأي» أول حزب طالب بنظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات، ثم نظام القائمة النسبية، وبعدها نظام الفيدرالية لإصلاح الوضع خصوصا مع الجنوب، وهو ما يعتبره الحزب الحاكم خطا أحمر. وحذر الجفري من انفجار الوضع إذا ما فشلت الحلول الداخلية والخارجية من حسم الوضع الراهن.. وهنا ماجاء في الحلقة الأولى من الحوار:
حاوره: عبد الله الحارثي


• ما الذي يحدث في اليمن، هل هو استنساخ للثورات أم تحسس للماضي؟

ــــــ هناك تحسس مشروع عند كثيرين من مصطلح «ثورة»؛ لأن التجارب الماضية لبعض الثورات تؤيد هذا التحسس؛ من منطلق أن بعض تلك الثورات التي حدثت في القرن الماضي لم تكن ثورات شعبية سلمية وإنما كانت تبدأ بانقلابات يقوم بها الجيش بقيادة في غالبها وطنية، ولكن في ظل تلك الظروف في القرن الماضي، وفي ظل الحرب الباردة آنذاك والانقسام العربي تبعا لذلك، فقد كانت كثير من تلك الثورات لا تستهدف فقط إصلاح الحال محليا ولكن كانت أيضا تستغل ضمن الصراع الدولي وبالتالي العربي في ذلك الوقت، وهو أمر طبيعي.. وبالتالي لم يقتصر أثرها على الأوضاع المحلية، بل يتعدى ذلك إلى آخرين في محيطها تبعا للصراع الجاري آنذاك. أما اليوم حيث تلك العوامل غائبة، فإن كل الثورات الشعبية السلمية بذاتها ليس لها أهداف أو أدوار مباشرة مضرة بالآخرين خارج بلدانها.. وبالتالي يغيب هذا التحسس من مصطلح «ثورة» أو يفترض أن يغيب.. الأثر لها هو أثر غير مباشر، وذلك فقط على البلدان التي تعاني من أوضاع مماثلة لتلك الأوضاع التي قامت ضدها الثورات في تلك البلدان.

• هل ما يجري في اليمن أزمة أم ثورة؟

ــ نعم، هي ثورة سلمية كاملة الأركان، محلية التوجه، لا تضمر أي سوء أو نوايا ضارة بأي بلد آخر، والخشية أن التعامل معها كأزمة سياسية حول تقاسم سلطة سيشجع حتما النظام على توهم الاستقواء على الثورة مما سيغريه بتفجير الأوضاع وفي هذه الحالة لن تسلم الأطراف المحلية التي تعاملت مع الثورة على أنها أزمة سياسية ولن يسلم الأبرياء.. وتقترب الأمور بسرعة فائقة من الوصول إلى هذه الحالة وكان الحوار في ظل الثورة هو الخطأ القاتل الذي يدفع بالأمور إلى الهاوية.. ولذلك كان تحليلنا للأمر دقيقا وموفقا بحمد الله، فأعلنا منذ البدء ألا سبيل لأي حوار مع هذا النظام؛ إذ لم يحدث في التاريخ كما لا يعقل في أي منطق سياسي، أن تقوم ثورة لإسقاط نظام ويتم حوار مع هذا النظام في ظل هذه الثورة بغرض الشراكة معه في السلطة، وهذا قانون لازم في الثورات، لا عذر للخروج عنه بصرف النظر عن الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية لأي بلد كانت، فالخروج لا يلغي الثورة وإنما يرفع كلفة تحقيق أهدافها. وفي حالتنا اليمنية نرى هذا يحدث أمام أعيننا وسيتصاعد حدوثه.. فقد كنا نشاهد تساقط النظام من داخله وفي حالة ارتباك كامل على كل المستويات، فجاءت مبادرات النقاط الثمان والخمس والرؤية وغيرها من حوارات معلومة وغير معلومة، فمكنته من استعادة بعض أنفاسه ومن سيطرة الوهم على قرب تحقيق نظام مشترك بين من في السلطة وخارجها مما سيدفع النظام الحالي حتما إلى تفجير الأوضاع.

رشحنا امرأة للرئاسة الانتقالية وفضلت العمل كمراقبة

الرئيس صالح ذكي ومناور مرن لكنه غير ملتزم

• ما هي نظرتكم إلى المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية؟

ــ المبادرة الخليجية جهد لمحاولة حقن دماء اليمنيين يشكرون عليه، والحرص على حقن الدماء فرض شرعي لكن لا أرى نجاحها في ظل رفض الرئيس علي عبدالله صالح لبعض ما ورد فيها من بنود وفي ظل وضع عام يطالب بإسقاط كامل للنظام.

• وماذا عن قوى المعارضة، من تمثل، خصوصا هؤلاء الذي يتصدرون الواجهات؟

ــ الشارع يقول إنهم لا يمثلوننا وأنه لم يوكلهم. وإن كنا نحترمهم كأحزاب.

• على أي أساس بنيتم هذه المعلومات، وهل لديكم قواعد بيانات؟

ــ أولا نحن متواجدون في كل الساحات؛ ابني في قيادة ساحة «الحرية والكرامة» بمحافظة شبوة، نحن لا نتكلم من الخارج بل من الداخل، الأمين العام للحزب (رابطة أبناء اليمن «رأي») في عدن بالساحات، مجموعة قياداتنا في عدن وصنعاء ومأرب وإب وتعز وغيرها في الساحات، وأيضا على تواصل بغيرنا، ولسنا من الأحزاب التي تقصي أحدا أو ترفض أحدا، نحن نرى أن البلد مفتوح للجميع، ومستعدون للتعاون مع الجميع، وبالتالي نحن متواصلون مع الجميع حتى الذين لا يتفقون معنا.

وما أقوله تؤيده الناشطة السياسية توكل كرمان وهي من حزب الإصلاح.. طبعا هي لا تنفي أنها من حزب الإصلاح، ولكنها تفضل القول «أنا ناشطة حقوقية»، وقد خرجت بمظاهرة كبيرة قبل هذه الثورة، وقبض عليها. كنت أقترحت حلا للأزمة ورشحتها لتكون رئيسة في الفترة الانتقالية، وأنا جاد، أرسلت لها مشروع البديل للنظام، مختصر ومركز، كانوا الناس يقولون إذا ذهب صالح فمن هو البديل، كأن البلد لم تلد غيره! قالت «أنا مقتنعة بالمشروع ما عدا أن أكون رئيسة، فأنا أفضل أن أستمر مراقبة لأني لا أريد سلطة، أريد أن أكون مراقبة للتنفيذ».

• هل كانت تخشى أن الفكر السياسي اليمني يرفض ولاية امرأة؟

ــ يمكن، لكن لم تذكر هذا العذر وإنما قالت أفضل مراقبة من خارج السلطة.

• هل من الممكن أن ترشح امرأة لمنصب رئاسة دولة في معادلة اليمن وبمرجعياتها؟

ــ لم لا، سبق أن تولى الحكم ملكتان.

• نتكلم عن التاريخ الحديث وليس الحضارات القديمة؟

ــ أيام الملكة أروى كانت اليمن متخلفة عن اليوم ثقافيا.

• أنتم كقوى معارضة، هل كان لديكم مشروع توزيع الأدوار، الرئيس وغيره؟

ــ نعم كان لدينا، لكن ليس هذا الرئيس، المطلب هو إسقاط النظام، الإخوان في المشترك حولوه إلى إسقاط الرئيس كمرحلة أولى فقط، ونحن نعتقد أن هذا هو شخصنة القضية، المسؤول ليس علي عبدالله صالح وحده، هو المسؤول الأكبر نعم، المسؤول الأول نعم، لكن أيضا باقي الرموز هم مسؤولون، فماذا يعني يسقط علي عبدالله صالح والباقون الشركاء معه يستمرون كشركاء في السلطة.

• هذا يعني الرفض للمؤسسة ككل، مؤسسة الحكم؟

ــ بالضبط.. الإخوان في المشترك قبلوا أن يكون الرئيس مرفوضا، وهذا موضوع شخصي، والباقون يدخلون معهم شراكة في الحكم! وهذا الذي أغضب الناس في الساحات من الشباب، كذلك يصعب على الثورة أن تقبل أن الرئيس وكل من حكم معه طوال حكمه يعفون عن كل ما ارتكبوه.

• يعفون؟ هذه المبادرة الخليجية..!؟

ــ لكن أقول لك إنها بموافقة الإخوة في الطرف الآخر، أنا سمعت تصريحا لأحد زعامات المشترك على أحد القنوات الفضائية وهو في الرياض، سئل: هل ستقدمون الرئيس للمحاكمة؟، قال: محاكمة الرئيس غير مطروحة ونرجو من إخواننا الخليجيين أن يقدموا لنا مقترحا لكيفية إعطاء ضمانات لهذا.. من هنا جاء مقترح المبادرة الخليجية لإعفاء الرئيس ومن أجرم معه.. الآن يوجد قتل بشكل بشع، وهذا الذي زاد الطين بلة، الساحات تقول بأي حق يملك حزب أو أحزاب أو كل الأحزاب حتى، أنها تعفوا، بأي حق.. الشيء الآخر أنه بند غير عملي حتى لو أصدر له قانون، لأن أي نظام مقبل سيصدر قانونا آخرا، كما توجد أمور كثيرة ارتكبت مخالفة للقانون الدولي، ولا يستطيع القانون المحلي أن يلغيها، ولذلك منظمات حقوق الإنسان، هيومن رايتس ووتش وامنتسي (منظمة العفو الدولية)، رافضين هذا، وأعلنوا رفضهم للإعفاء، لذلك نقول إن التعامل مع كل ما يجري على أنه أزمة بين علي عبدالله صالح وبين مجموعة من الأحزاب ليست كل المعارضة هو لب المشكلة حتى في المبادرات التي طرحت من قبل العلماء والمشترك والحوارات التي دارت قبل المبادرة الخليجية، والمبادرة الخليجية جاءت مبنية على ما هو قائم من مبادرات قائمة على تشخيص خاطئ لما يجري.. نحن في المعارضة ولسنا ضمن تكتل المشترك، وحددنا موقفنا من البداية وكانت الرؤية بالنسبة لنا واضحة والمشهد واضح «ألا حوار مع هذا النظام» مع أننا نحن دعاة حوار أساسا، وقد حاورنا علي عبدالله صالح ونظامه ووصلنا إلى قناعة قبل حوالى سنة ونصف السنة «ألا فائدة».

• ماذا كان رده؟

ــ يوافق على كثير مما نطرح ثم يلغي ذلك في اليوم التالي.

• أريدك تحلل لنا شخصية الرئيس علي عبدالله صالح، كشخص محايد؟

ــ أولا: أنا لست محايدا فأنا مع حزبي، الذي أعلن أنه منذ البدء مع ثورة شباب شعبنا العظيم، لكن نحن نبتعد عن أساليب السياسة التقليدية التي في كثير من الأحيان «تشخصن» القضايا، ونتبع أساليب السياسة الحديثة التي تقوم على الدراسة العلمية للقضايا ورسم سياساتنا ومواقفنا على ذلك، وبالتالي نحن نتعامل مع علي عبدالله صالح، سلبا وإيجابا كرئيس لدولة وحزب حاكم، ولا مشاعر شخصية في هذا الإطار.. فهو ــ ذكرت ذلك في مقابلة صحافية سابقة وقلت إنه مرن ولا يسمح لك أن تكرهه.. أنا اختلفت معه ــ وعلى كل حال، هو ذكي، مناور، تكتيكي من الدرجة الأولى، ودود، تذهب لمقابلته وأنت غاضب فيتبسط ويتودد… إلخ.. يعشق الأزمات، سواء السياسية أو القبلية أو الأسرية، ويختلقها، سواء بين الآخرين أو بينه وبين الآخرين، ويدير البلد بالأزمات. وعندما يكون في مأزق فهو يسلم بكل ما يطرح عليه وما أن يبدأ الخروج من المأزق حتى ينقلب على كل ما اتفق عليه وهذا أسلوبه، سواء في علاقاته الشخصية أو في إدارته للبلد أو في علاقاته مع الدول.

• من وجهة نظره الورقة التي يضغط بها أنه لازال له مؤيدون؟

ــ هل تعرف متى جاء المؤيدون؟ في مارس الماضي قد بدأ من حوله يتناثرون، وقد بدأ ينهار وأعمدة نظامه تنهار، الجيش والأمن والوزراء والسفراء وقيادات حزبه، فماذا حدث؟.. شيئان، الأول: التعامل من البعض على أن المشكلة هي علي عبدالله صالح، وليست النظام بما فيه علي عبدالله صالح، «شخصن» القضية في العلن، كما أن التحدي الشخصي جعله يصر على موقفه، ومن الناحية القبلية يصعب أن يقبل الهزيمة أمام قبائل مثله، لكن لو تم التعامل على أساس أن الأزمة أزمة نظام كامل فسيكون من ضمن الكل، ثانيا: كانت تتم محاورته ونظامه في ظل ثورة، وهذا لم يحدث في كل تاريخ ثورات العالم، فيوم المجزرة (18 مارس يوم الجمعة) استمر الحوار في نفس الليلة واليوم التالي، قبل أن تأتي المبادرة الخليجية، ولو بقي بدون تواصل من أحد أو حوار لاستمر الانهيار، فعندما يشعر أن لا أحد من شعبه يريد محاورته فهذه بالنسبة له كارثة تهزه، فأركانه قد بدأت تنهار، سفراء ووزراء، لكن هذا الحوار أعاد له بعض القوة والمكانة، أيضا كون البعض «شخصن» القضية استطاع أن يجمع الناس حوله، ومن الملاحظ أن الناس ليسوا مجتمعين حول النظام ولا حول حزب المؤتمر الشعبي العام، ولأنه أخذته العزة فإنه يصرف كل أسبوع بلايين الريالات لأجل تجميع الناس، وبالتالي لا يستطيع أن يجعلهم يستمرون طوال أيام الأسبوع لأن ذلك سيكون مكلفا ماليا وتنظيميا، بينما الثوار ــ لأنهم يثورون من ذات أنفسهم ــ فإنهم في الساحات طوال أيام الأسبوع في معظم المحافظات.

• من تعتقد أكثر من يطيل أمد الحوار مع النظام؟

ــ من يحاورونه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو حتى كما جاء في حديثه مع «عكاظ».

• ألا يوجد غيرهم يتحالفون مع النظام في الخفاء ويطيلون أمد بقائه عبر البوابة الخلفية؟

ــ الكوادر من أي اتجاه شباب أنقياء ومدركون، ونتحدث عن الذين يجرون الحوارات وسأحسن النية، وأقول إنهم يعتقدون أن هذا أسلم لحقن الدماء! وأنه أسلم لتنتقل السلطة بسلاسة، لكن لمن ستنتقل السلطة؟! ستنتقل شراكة بينهم والنظام! وبسلاسة بين من ومن، وما هي فائدة الثورة هذه، إذا استمر النظام بهذا الشكل؟ فالنظام الذي أفرز علي عبدالله صالح، ممكن يفرز غيره وكأننا لم نفعل شيئا.


• ما هي تحفظاتكم على المبادرة الخليجية؟
ــ لست متحفظا على المبادرة الخليجية، نحن نقول إن دول الخليج أكملت ما كان مطروحا من مبادرات من الإخوان في اللقاء المشترك وغيرهم في الداخل، ولكن نحن نعتقد أن منطلق معالجة الموضوع ــ في نظرنا ــ غير صحيح.. القضية ليست خلافا في أزمة بين جزء من المعارضة والسلطة على الإطلاق، بحيث إني أفصل في هذا الأمر بين جزء من المعارضة والنظام هذا الكلام غير صحيح، القضية أن الناس تطالب بإسقاط هذا النظام (بزوال هذا النظام) وليس بزوال رئيسه فقط ومن ثم الشراكة مع الباقي.. نحن لا نطالب بعقاب أحد فهذا شأن القضاء وشأن غيره، لكن أن تقوم مبادرة وتنطلق من منطلق لا يمثل القضية، هذا يجعلنا نخاف على المبادرة، رغم أننا نثق بنوايا أشقائنا في الخليج ليحقنوا دماء أبناء اليمن.. ولا شك أننا نقدر لهم هذا الجهد والذي نخشاه أن طرفي المبادرة ليسا طرفي صراع، وبالتالي سيصعب عليهم أن يمرروا المبادرة، وقد تأتي عرقلات وليس من المبادرة، فهذا الذي نعتقده.
• من المعارضة؟
ــ لا، من الكل، أو من الرئيس، فإن رضي هذا فقد يغضب الآخر، والرئيس هو الكاسب في هذا الأمر؛ لأنه شراء وقت بالنسبة له وضياع وقت بالنسبة لنا، وهو خبير في هذا الأمر، فطوال حكمه يشتري وقت باليومية، طوال تاريخه، ولذلك كانت إدارة البلد ليست إدارة أزمات وإنما الإدارة بالأزمات، وإن لم تكن هناك أزمة موجودة فإنه يخلق أزمة، سواء بينه وبين الغير أو بين الآخرين، يثير الدنيا كلها لحل هذه الأزمة وهو الذي خلقها وهكذا، وبالتالي تاريخه في الحكم من أزمة إلى أزمة.
• هل كان لكم أنتم مبادرات إصلاح للشأن الداخلي من قبل الثورة؟
ــ نحن من قبل الثورة طرحنا حكما فيدراليا بين إقليمين، شمال وجنوب، وطلبنا حوارا يكون تحت رعاية مجلس التعاون الخليجي أو الجامعة العربية، ويعقد في مقر مجلس التعاون الخليجي، لنا سنة أو سنة ونصف السنة نقول هذا الكلام، مكتوب وليس شفاهة وطالبنا بهذا، وللأسف شنت علينا حملة لمطالبتنا بالفيدرالية في إطار اليمن، إعادة تركيبها من دولة بسيطة إلى دولة مركبة، لأنها قامت على خطأ وهذا الذي ناقشناه مع الرئيس، ووافق عليه ثم انقلب.. وهاجمونا هؤلاء واتهمونا أننا نريد بالفيدرالية انفصالا، ثم هاجمونا: لماذا نريد أن ننقل القضية لمجلس التعاون الخليجي، وأننا سندول القضية.. فقلنا: يا إخواننا في تاريخ اليمن كله، كل الحوارات اليمنية الداخلية كان فيها أجانب وليس عربا فقط.. فقبل حرب 1994م الذي كان يشرف على الجيش اليمني ــ أسرارنا العظيمة الحربية ــ الملحق العسكري الفرنسي فهذا ليس بجديد.
الرئيس والنائب خلال الأزمة قبل حرب94م لم يستطيعا الاجتماع إلا عند سلطان عمان.. ونحن وقعنا وثيقة العهد والاتفاق التي صغناها نحن في عمان عند الملك حسين، فهذا هو الحال.
• لماذا في رأيك، أن الفكر اليمني وصل إلى هذا الحد من الحاجة للتدخل الخارجي ليقود الحكمة اليمنية إلى بر الأمان؟
ــ هذه هي الحكمة اليمنية، بدلا من أن نتصارع نقبل بغيرنا يشاركنا الرأي، ومن الحكمة أن تأخذ بحكمة الآخرين.
• لا الحلول الداخلية نجحت ولا الخارجية، فهل تنجح الحرب الأهلية؟
ــ الحرب هي قمة التصعيد وليست الحل، سواء كانت أهلية أو غير أهلية، وما نحذر منه ونتوقع أن الأمور تساق إليه، هو انفجار الوضاع ورفع الكلفة بفعل النظام، وتحت وهم قدرته على حسم الأمور.. وللأسف ستكون دماء، وإن استمرت الأمور بهذا الشكل فستزيد الدماء ولا سبيل إلا التقليل من هذه الدماء بحسم الأمر لصالح الناس لا النظام، ولا أعتقد أن الأمور ستنتهي بغير ذلك.
• هناك من يقول إن سبب إطالة أمد الثورة في اليمن وعدم بلوغها مراميها أن هناك أيد خفية تدير الأزمة في الخفاء، هل هذا صحيح؟
ــ إن ما يجري في اليمن هو عملية إنضاج لمستقبل جديد في اليمن فهذا جائز. وحكاية مصالح خارجية فنعتقد أن هذا عصر انتهى، فالعصر اليوم عصر تشابك المصالح.. علينا كسياسيين في اليمن وعلى غيرنا، أن ندرك جميعا أن الإدارة بالأساليب السياسية التقليدية لم يعد لها مكان، وأن عصرا قديما يولي، وعصرا جديدا يقبل له سياساته وآلياته وأساليبه وأدواته التي لا علاقة لها بما سبق؛ فالمستهدفات لما هو قادم هي تسير على خمس: الحرية، الديمقراطية، العدالة الاجتماعية، التنمية، و «المواطنة السوية»، وكل ذلك في إطار دولة مدنية. وهذا الذي سيحدث بإذن الله وعونه في اليمن.. ولن يبقى فاعلا إلا من يدرك خصائص وشروط المرحلة المقبلة فنحن في عصر القطب الواحد، عصر العولمة والدولة المدنية، عصر تبادل المصالح المتشابكة. أما من أخر الثورة عن بلوغ مراميها هو العمل خارج هذا الإدراك واستمرار حوارات غير المجدية في ظل ثورة شعبية سلمية.
• ولماذا ترفضون مبدأ تبادل المصالح مع السلطة القائمة؟
ــ هذا موضوع آخر، فهي ليس لديها مصالح، أنا معك، نحن مع تبادل المصالح، نحن مع الحوار، مع مصالح الجميع، مع اكسب وكسب، ننطلق من المربع رقم واحد.. أما السلطة القائمة فقد استولت على مصالح الناس، والثورة تعمل على استرداد مصالح الناس للناس ولم يعد العصر عصر تبادل مصالح السياسيين، بل الحفاظ على مصالح الناس وأي مصالح أخرى لا تأتي إلا من الناس وعبر خدمتهم.
• هل تعتقد أن موضوع تبادل المصالح هو الذي الآن يدير الأمور ويعطلها، ما هو مفهوم تبادل المصالح؟
ــ المفهوم.. عندما تحاول أن تتبادل المصالح مع جهة، غير السلطة عندنا، هي تنظر لتبادل المصالح من زاوية واحدة وهي لتحقيق مصالحها بك، أما أنت فتستخدم، ولك أن تحقق شيئا من المصالح الشخصية وليس لتوجهك، وكل ذلك على حساب مصالح الناس والوطن وهذا ما نرفضه.
• يعني لو اختلف حجم المصالح، يمكن أن تقبلها؟
ــ القضية بالنسبة لنا ليست حجم المصالح وإنما القضية لمن المصالح؟! فإذا تحول اتجاه المصالح إلى البلد والناس فنحن نقبلها.
• بعض الأحزاب تبحث عن مصالح ذاتية، لا نستطيع أن ننكر ذلك؟
ــ لا أنكر هذا ولا أمنعها، لكن نريد فقط نعمل أولويات، بأن تكون الأولوية الأولى لمصالح البلد العليا، وأي مصالح أخرى يجب أن تكون مشروعة، ومن خلال مصالح البلد بطريقة شفافة.
• في ظل الصراعات الداخلية الآن، هل تخشون من الانقسامات تعود إلى اليمن الشمالي واليمن الجنوبي؟
ــ هذا احتمال قائم إذا استمرت المظالم على الجنوب.
• هل يوجد حوار يدور حول هذا الصعيد؟
ــ لدينا نظام دولة ونظام حكم، نظام الدولة إما مركبة أو بسيطة، نظام الدولة المركبة يعني الفيدرالية، والبسيطة يعني مركزية.. ونظام الحكم إما برلماني أو رئاسي أو ملكي أو جمهوري أو مختلط، مثل فرنسا.. لو استمر نظام الدولة كما هو نظام الدولة البسيطة فلا يمكن أن يتعايش شمال وجنوب؛ أما نظام الحكم فلا خلاف أن يكون جمهوريا برلمانيا.
• إذن، الصيغة الأمثل هي فيدرالية؟
ــ فيدرالية بين إقليمين وفي إطار كل إقليم وحدات حكم محلي.
• احتمال أن ينفرط عقد الوحدة اليمنية؟
ــ إذا لم يتم هذا سينفرط.
• هل تخشون في هذه الفترة أن تستغل اليمن باعتبار أنها كانت فترة حاضنة للإرهاب والملاحقين أمنيا؟
ــ نعم، إذا استمرت الأوضاع هكذا دون حل إلا بهذه الطريقة، ولكن دعونا نفكر فيما إذا أقيمت دولة بها نظام وقانون فإن الإرهاب يتقلص ويتحجم.
• ما هو شكل النظام الذي تتخيله،؟
ــ إما رئاسي أو برلماني، أما المختلط لا ينفع، والأغلب برلماني.. كنا نغلب الرئاسي لأنه يؤدي إلى فصل بين السلطات بشكل أكبر، سلطة قضائية، تشريعية، وتنفيذية.. أما البرلماني أيضا ديمقراطي، لكن لا تستطيع أن تفصل بين السلطات، لأن السلطة التشريعية هي الحاضنة للسلطة التنفيذية؛ بمعنى أغلبية البرلمان هي التي تشكل الحكومة، وبالتالي من يراقب من؟ فلا دور رقابي فاعل للبرلمان في النظام البرلماني.. أما الرئاسي، فالرئيس يمكن أن يكون من حزب الأقلية، فمثلا شخص من حزب ليس لديه أغلبية في البرلمان، مثل أمريكا اليوم، ليس له أغلبية في الكونجرس، لكنه يحكم وتوجد رقابة عليه، هذا الفرق، فنحن من حيث الفصل بين السلطات نفضل الرئاسي.
• هل ستعيدون كتابة الدستور وإعادة الأنظمة؟
ــ نعم لا بد من ذلك، الدستور كله سينتهي حتى في المبادرة الخليجية.
• من هي الجهة التي سيسند لها إعادة صياغة الدستور؟
ــ في نظرنا وما طرحناه، قلنا يشكل مجلس وطني للجميع بما فيه الأكاديميين المتخصصين في القانون الدستوري والقانون العام؛ ليعيدوا صياغة دستور جديد ويعيدوا صياغة القوانين النافذة بما يتلاءم مع الدستور الجديد، ثم قيل كيف ستنقلون السلطة من الحالي إلى هذا المجلس؟ قلنا التالي: المجلس الوطني هذا ينبثق منه مجلس رئاسة يتكون من 7 إلى 9 أشخاص بصفته هيئة رقابية، وتشكل منه حكومة، وتنبثق منه لجنة تصيغ الدستور والقوانين.. كيف تنتقل السلطة؟ قلنا: يشكل مجلس عسكري ــ سميناه ممرا آمنا للسلطة ــ من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ونوابه وقواد المناطق العسكرية وقادة الأسلحة.
• كيف تطالبون الآن بوزير الدفاع ضمن المجلس العسكري وأنتم لا تريدون من السلطة السابقة أي طرف؟
ــ سؤال في محله؛ قلنا: يتشكل المجلس العسكري من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان ونوابه وقواد المناطق العسكرية وقادة الأسلحة، مهمته فقط: تحال إليه جميع السلطات، قد تكون ليوم واحد وقد تكون لشهر، وحال تشكيل المجلس الوطني ومجلس رئاسته والحكومة تحال السلطة من المجلس العسكري إلى المجلس الوطني.. نأتي لسؤالك.. كيف نقبل؟ لأن العسكريين قانونا غير حزبيين، قد يكونون واقعيا حزبيين، لكن قانونا العسكري ليس لهم انتماء حزبي، وبالتالي هو حل وسط، ومع نهاية النظام فالعسكريين سيشعرون أنهم غير حزبيين فعلا، وأنهم ليسوا أعلى من غيرهم، وأنهم مجرد ممر آمن للبلد، وسينفذون، وهذا الحل كممر آمن، لكن الوقت تأخر جدا وربما نعود إليه لاحقا.
• هل لديك برنامج زمني مقترح في ذهنكم، أستاذ عبدالرحمن، لإنهاء سيناريو الأزمة الراهنة في اليمن؟
ــ نظرتنا أنها ليست أزمة بين الرئيس وبعض الأحزاب، ومع ذلك أقول توجد مبادرات دول مطروحة ودول ليست صغيرة.
• تقصد المبادرة الخليجية؟
ــ «الخليجية» نعم، ودول العالم الكبرى كلها تؤيدها، وطالما المبادرة قائمة ستظل شيئا من المراوحة (مكانك سر)، لكن ما أن تنفذ أو تفشل إلا وقد تحدث أحداث أخرى، نرجو أن تكون خيرا.
• الرئيس علي عبدالله صالح ينتقد المعارضة، بأن المعارضة تتصيد سلبيات الحكومة ولا تبحث عن الحلول لتهدئة الشارع وفتح باب الحوار؟.
ومن يقول إن ليس من مهمات أحزاب المعارضة انتقاد سلبيات السلطة؟! ومن ذا الذي يقول إن من مهمات أحزاب المعارضة تهدئة الشارع؟! وهل بيدها شيء من ذلك؟
• في فترة من الفترات أنت ساندت الرئيس وشاركت في حملاته الانتخابية؟
ــ لم أشارك في حملاته الانتخابية وإنما حضرت معه مهرجانا في عدن يوم وصولنا في سبتمبر 2006م، واتفقنا معه على إصلاحات شاملة.. وكنا نرى في ذلك الوقت أن الإصلاحات من خلال الحوار مع السلطة هي أقل الطرق كلفة على الناس، ووافقنا على ذلك.. فأيدناه.. حتى الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر (رحمه الله) وهو رئيس حزب الإصلاح، أيده في الانتخابات!؛ لأننا لم نكن نعتقد أن أحدا من المرشحين أمامه أنسب منه في ذلك الوقت، كان بن شملان (رحمه الله) مرشحا، وهو رجل نزيه، وإن كانت النزاهة مهمة في رئيس الدولة، لكن ليست المعيار الوحيد لنجاح الرئيس، فهل يستطيع بمعيار النزاهة فقط أن يقاوم الفساد في دولة؟ مستحيل.. وبالتالي قررنا الوقوف مع علي عبدالله صالح.. الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر (رحمه الله) قرر أن يساند الرئس وحزبه (الإصلاح) ضد الرئيس! هذا يحصل، ومساندتنا بناء على اتفاق أنه سيقوم بالإصلاحات ووعد بها في خطابه الذي حضرناه، ولكن للأسف لم يفعل، ثم أوقفنا الحوار معه.
• هل كان في تلك الفترة يمهد لتوريث السلطة؟
ــ لا في تلك الفترة لم يكن الحديث عن التوريث.
• أو يخطط؟
ــ ممكن إذا كان في رأسه خطة ولم نعلم بها.
• يمكن ربما لعدم وجود زعامة بديلة؟
ــ كلام غير صحيح.
• من تعتقد يلتف حوله الشعب، بشكل محايد، لو تحدثنا؟
ــ البلد ولادة وفيها رجالات كفؤة.
• أمريكا بسطت نفوذها في اليمن، بالذات مع دخول الإرهاب في اليمن، الآن أصبح دور أمريكا في اليمن هو دور تنديد لما يحدث في اليمن من قتل وسفك دماء، هل أنتم في اليمن بحاجة إلى مثل هذه التصريحات، مجرد تنديد دون مقترحات أو مبادرات أو تدخل؟
ــ أمريكا هي الدولة العظمى، ونفوذها حتى في أمريكا موجود! نفوذ أمريكا في أمريكا حتى موجود!.. نحن في اليمن، دولة اليمن ليس لها نفوذ في اليمن! أمريكا نفوذها في العالم كله موجود.. التنديد ومجرد التنديد بأعمال سيئة من النظام جيد ومطلوب، لكن وحده لا يكفي. وأعتقد أن الذي أخر الدور الغربي والدور الخليجي بالذات (مع أن البيان الأول لدول الخليج أنه: نحن مع خيارات الشعب اليمني، هذا أساس بيان مجلس التعاون الخليجي) ومجلس التعاون الخليجي عندما قدم مبادرته قدمها من هذا المنطلق أنه مع خيارات الشعب اليمني، لكن للأسف بعضنا في اليمن لم يدرك هذا بصورة صحيحة ولم يفرق بين أزمة سياسية وثورة، وتعامل مع الموضوع كأزمة سياسية وبالتالي جاء العالم ومنه دول الخليج ليتعامل مع الثورة في اليمن كأزمة سياسية، وهذا الذي أخر المواقف الخليجية والغربية من الوقوف الواضح مع خيارات شعبنا.
• كيف ستتعاملون لو تفاقمت الأزمة في اليمن؟
ــ ماذا تعني تفاقمت؟
• مزيد من سفك الدماء ومزيد من القتل…؟
ــ سنعمل جهدنا لحقن الدماء.
• هل ستطالبون بالتدخل الدولي؟
ــ يعتمد على ما سيحدث، لا أستطيع أن أقول لك الآن.
• لو حدث مزيد من إهدار الدماء وانتهاك الحرمات؟
ــ انتهاك الحرمات سنحاول أن نمنعها نحن أولا، وإن عجزنا سنحاول بداية أن نستعين بكم يا أهل دول مجلس التعاون.

نقلا صحيفة عكاظ

زر الذهاب إلى الأعلى